بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ذي القدرة القاهرة، والآيات الباهرة.. حمداً يؤذن بمزيد نعمه، ويكون حصنا مانعاً من نقمه..
وبعد
فما زلت منذ غُذيت بغرام الأدب، وأُلهمت حبّ العلم والطلب، مشغوفا بأخبار العلماء، متطلعا إلى أنباء الأدباء، أسائل عن أحوالهم، وأبحث عن نكت أقوالهم بحث المُغرم الصبّ، والمحبّ عن الحبّ.. استخرت الله الكريم، واستنجدت بحوله العظيم، وجمعت.. ما وقع إليّ من أخبار.. ما أدّت الاستطاعة إليه، ووقفني النقل عليه..، وأثبتّ مواضع نقلي ومواطن أخذي من كتب العلماء المعوّل في هذا الشأن عليهم..
وأنا فقد اعترفت بقصوري فيما اعتمدت عن الغاية، وتقصيري عن الانتهاء إلى النهاية، فأسأل الناظر فيه أن لا يعتمد العنت ولا يقصد قصد من إذا رأى حسنا ستره، وعيبا أظهره. وليتأمّله بعين الإنصاف لا الانحراف، فمن طلب عيبا وجدّ وجد، ومن افتقد زلل أخيه بعين الرضى فقد فقد. فرحم الله امرءاً قهر هواه، وأطاع الانصاف ونواه، وعذرنا في خطأ إن كان منا، وزلل إن صدر عنّا، فالكمال محال لغير ذي الجلال، فالمرء غير معصوم، والنسيان في الإنسان غير معدوم.
ياقوت الحموي – من خطبة كتاب “معجم الأدباء”
